هذه إيراننا

11265195_694516370649408_3128449911648875446_n
هذه إيراننا
تخاف الكثير من الأنظمة العربية على بقائها بفعل خطر عملت جاهدة على صناعته وتأجيجه منذ ظهور “الثورة الإسلامية في إيران” وإستلامها للحكم عقب ثورة شعبية كاملة المواصفات على نظام الشاه رضى بهلوي، فعمدت منذ تلك اللحظة إلى شيطنة تلك الجارة في عيون شعوبها، ورفع مناسيب الريبة والعداء تجاه إيران شعباً وثقافة وسلطة… مرة تحت غطاء رفض الإنقلاب على الشرعية الشاهنشاهية، وأخرى وقفاً للزحف الفارسي بإتجاه المنطقة العربية ومنعاً لتصدير الثورة، وثالثة بمجابهة المدّ الشيعي القادم من الشرق ليلتهم المنطقة العربية… وعند محاولة التدقيق بهذه المبررات على نحو موضوعي بعيداً عن الأجواء الموبوءة بلوثة التمذهب والتطيّف والتعصب… سنجد كم هي تافهة هذه المبررات؛ بل ومثيرة للضحك والبكاء في آن.
* مفارقات:
في علاقتنا مع جار في الجغرافيا وشريك في التاريخ… لن نجد علاقة شابها الكثير من الإلتباس والتلفيق والخداع وسؤ الفهم… كم هي العلاقة مع إيران. لذلك أجد من الواجب ذكر بعض المحطات التي تظهر بعض من هذه المفارقات والتلفيق والخداع.
عندما تزوجة الأميرة فوزية أخت الملك فاروق من إبن شاه إيران الذي أصبح فيما بعد شاه لإيران… تولى عقد هذا القران شيخ الإسلام وإمام الأزهر الشيخ مصطفى المراغي، وقال في خطبة له حول هذا الزواج: هذا زواج إسلامي بين السنة والشيعة، وهذه عروة ينبغي أن لا تفصم. وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، في مصر، والتي أوصلت الراحل الكبير جمال عبد الناصر إلى حكم مصر، كان محمد مصدق يقوم بثورة مماثلة في إيران، تسعى للإصلاح الزراعي وتؤمم البترول وتشتبك مع شاه إيران الذي رهن إيران للشركات الأجنبية… تماماً كما حدث في مصر مع الملك فاروق، لذلك أيدها الكثيرون من العرب وفي مقدمتهم النخب المصرية، وقادة ثورة يوليو وعلى رأسهم جمال عبد الناصر. لكن “كيرمت روزفلت” مدير CIA، وبعد أن هرب الشاه إلى إيطاليا، قام بثورة مضادة أسقطت مصدق وسجنته لثلاث سنوات، وأعاد الشاه للحكم مرة أخرى في العام 1953، فقال الشاه عبارته الشهيرة لكيرمت روزفلت: أنا مدين بعرشي لله ولشعبي ولجيشي ولك. وبلغ هذا الدين حدّاً أن يتم تعيين مدير CIA “ريتشارد هيلمز” سفيراً لبلده في إيران، وبقي هناك حتى العام 1977. وفي العام 1965، قام شاه إيران بالإنفتاح على الكيان الصهيوني، وتطورت الأمور حدّ التحالف، وأصبحت طهران المَصدر الأول والرئيسي لنفط هذا الكيان. والغريب في الأمر أن هناك مراسلات بين عبد الناصر والامام الخميني رحمهما الله، لم تلقى الإهتمام الأكاديمي والتاريخي المطلوب؛ بل إن مصر عبد الناصر دعمت الثورة الإيرانية التي كان قائدها الأبرز الإمام الخميني مالياً، وتحدث الشاه عن هذا الأمر علناً للشعب الإيراني. في أحد المرات تمكنت مخابرات الشاه من متابعة دفعة من 150 ألف دولار أرسلتها مصر عبد الناصر إلى الإمام الخميني ليقوم بتوزيعها على أسر ضحايا الشاه، فخطب الشاه على شاشات التلفزة مباشرة ليقول: ما رأيكم في زعيم شيعي يقبل أموالاً من حاكم سني؟. فرد الإمام الخميني قائلاً: أنا طلبت معونة حاكم مسلم لمساعدة ضحاياك. وخلال هذه الفترة التي إحتفظ فيها الشاه-الشيعي، بعلاقات خاصة جداً مع واشنطن ولندن وتل أبيب… كانت علاقاته مع محميات الخليج أشبه ما تكون بعلاقة السيد والتابع، الحاكم والرعايا… دون أدنى إعتراض على مذهبه أو تحالفه مع واشنطن وتل أبيب. نجحت ثورة 1979 في إيران، وقطعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني وأمريكا، وجعلت من سفارة تل ابيب سفارة لفلسطين، وأنحازت بالكامل للقضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين… لذلك، كان أول من دعمها على كافة الصعد سورية حافظ الأسد، وعدد من المنظمات الفلسطينية واللبنانية… وأول من عاداها واشنطن وتل أبيب ومصر السادات ومحميات جزيرة العرب.
مع أي إيران نتحالف؟
قبل كلّ شيء، من غير المقبول منهجيّاً وعقليّاً النظر إلى إيران على أنها كتلة واحدة صماء تعيش حالة من التماهي الكلي في مناحي حياتها كافة؛ بل هناك تنوع هائل في الأديان والقوميات والطوائف والمذاهب… إلى جانب تباينات كبرى ثقافية وإجتماعية وسياسية… يعيشها هذا المجتمع الثري، وصلت إلى حدّود قصوى، كأن تسمع بمطالب لإنهاء ولاية الفقيه كأداة لإدارة الدولة والمجتمع أو أن ترى وتسمع مرشح للرئاسة الإيرانية يدعو إلى الخروج من حلف المقاومة والتخلص من أعباء الإنتماء إليه سياسياً وإقتصادياً وعسكريّاً… .
كنوع من الرياضة الذهنية، ولإظهار قصدي من وراء هذا العنوان، لنتخيل أن يكون الرئيس الإيراني في هذه الأيام الدكتور محمود نجاد، وليس الشيخ حسن روحاني كما هو واقع الحال، هل كنّا سنشهد موقفاً إيرانياً مغايراً تجاه سورية ومن الحرب التي تُشن عليها؟ يحمل الجواب عن هذا السؤال الإجابة عن السؤال المركزي الذي طرحته سابقاً، مع أي إيران نتحالف؟ كما أنه يقدم لنا تصوراً معقولاً عن التباينات التي أحاول الإشارة إليها. قبل أن يُنتخب الرئيس روحاني رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان واضحاً أن الرجل سيفوز بالموقع ضمن “تسوية” داخلية تمنع انفجاراً داخلياً وشيكا.ً منذ انتخابات الولاية الثانية للرئيس الحليف أحمدي نجاد، ظهر تيار قوي يطالب بالبحث عن مصالح إيران بعيداً عن تعقيدات التحالف مع سورية ومحور المقاومة، وقد صرّح بذلك علانية أحد أهم مرشحي “التيار الإصلاحي”. تحدثت سابقاً عن سياسات انتهجها الرئيس روحاني، أقل ما يمكن أن توصف به بأنها لا تصدر عن صديق، فكيف بالحليف؟ مثل رسالة التهنئة التي بعث بها لأردوغان بعد ساعات من فوز حزبه بالانتخابات البلدية، دون أن يلتفت للمجازر التي بدأت بارتكابها الجماعات الإرهابية قبيل الانتخابات في كسب، بعد أن عبرت الجانب التركي للحدود، واجتاحت المدينة بدعم كامل من الجيش التركي، بمدفعيته ودباباته وسيارات إسعافه. هناك تيارين في أيران، يعيشان حالة من “تساكن” الضرورة، التيار الأصولي الذي يقوده المرشد الأعلى السيد الخامنئي، وهو حليف حقيقي لسورية ولكل محور المقاومة، وتيار “ليبرالي” يسعى “للانفتاح” على الغرب، ويسعى الغرب إلى الإنفتاح عليه عبر مفاوضات الملف النووي، ليجعل من “إنتصاره” في ملف المفاوضات النووية البوابة لتجاوز إيران الثورة، ومن الانفتاح أداته الحاسمة وإنجازه التاريخي “للسيطرة” على الجمهورية. لقد ظهر الخلاف جليّاً في محطات كثيرة بين الطرفين، ويكفي أن نتذكر البيان الذي قال فيه قائد الحرس الثوري:” الاجراءات التي تحكم النظام الاداري للبلاد كما كانت عليه من قبل (لكن) تم تعديلها قليلاً وللأسف أصابتها الافكار الغربية”… ومن هنا يمكن تفهم إصرار الإمام الخامنئي على حصر التفاوض بالملف النووي فقط، وعدم التطرق إلى أي مجال آخر. ظن روحاني ووزير خارجيته ظريف، أنهم قادرون على الحصول على الدعم الغربي لتوجهاتهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية… كونهم المقابل الموضوعي لإيران الثورة، وبأنهم قادرون على قيادة إيران بمعزل عن حلفائها، وتجاوز مكان ومكانة المرشد الأعلى للثورة، وبعيداً عن تاريخ وحاضر الجمهورية المرتبط عميقاً بمحور حقق لأعضائه ككل، ولكل طرف منهم على حدة مكاسب ضخمة ومكانة كبرى في الإقليم والعالم… فكان ضروريّاً تذكيرهما في السرّ والعلن، كأشخاص و”تيار”، بما كشف عنه “المعلم” وزير الخارجية السوري، لجريدة الأخبار، حول فحوى مناقشة له مع وزير الخارجية، ظريف، عندما قال له: “إن صمود سورية هو الذي يُمكّنك من التفاوض من موقع قوي مع الغرب حول الملف النووي”.
صحيح أن مثل هذه المواقف الصريحة والمباشرة تُعبّر عن العقلية السياسية السورية الاستقلالية والوطنية الخالصة، وتعبر بذات الوقت عن تمسك عميق بحليف موثوق وأن “أخطأ” بعض مسئوليه في فهم طبيعة هذا التحالف… فإنها تعبر أيضاً بأن د.نجاد الذي يحمل لقباً أكاديميّاً كان الأقرب من الأصوليين وللإمام الخامنئي من الشيخ روحاني الذي يحمل صفة دينية من جهة، وأن “أي عراقيل قد تطرأ على هذه العلاقة، سيحسمها الإمام الخامنئي ومجلس الشعب والحرس الثوري لصالح التحالف مع سورية” كما قال “المعلم” في ذات المقابلة. من هنا يمكن التعرف الى إيران التي نتحالف معها، إيران الثورة الإسلامية التي إختارت الإنقلاب على الشاه صاحب ألأحلام التوسعية-الإستعمارية خدمة لمصالح الغرب والصهيونية… إيران التي قررت الإصطدام مع واشنطن –الشيطان الأكبر- ما إستمرت بسياساتها العدوانية والتوسعية، ومع ربيبها الكيان الصهيوني، الذي يحتل فلسطين ويشرد أهلها، والطامع دائما بحكم تكوينه ووظيفته بالتوسع والسيطرة على كامل المنطقة… إيران مصطفى جمران (تشمران) الذي تدرب في أنشاص المصرية، وتتلمذ على يد الإمام موسى الصدر… إيران الداعمة لقوى المقاومة وقضايانا المحقة والعادلة… إيران التي دعم ثورتها عبد الناصر وحافظ الأسد ومنظمة التحرير وكل شرفاء ومناضلي أمتنا… إيران التي قال أمين ثورتها وإمام نهضتها: سورية واسطة العقد في تحالف المقاومة.
Admin

نحن شباب أميركان من أصل سوري نسكن في لوس انجلوس كاليفورنيا أوجدنا هذه الجريدة التي تجدد يوميا لتخدم الجاليه العربيه في اميركا

*

*

Top